يقول هذا وذاك الأستاذ «محمد حميد الله» بعد أن وقعت له نسخة من «المنمق» نقلت عن النسخة الأم التي كانت ملك السيد «ناصر حسين» ببلدة «لكهنو» في الهند، فهو يقول:«ومن مفاخر بلادي وحسن حظي أنى حصلت على نسخة هذا الكتاب في أثناء طباعة المحبر فأضفت إليه بعض الفوائد المأخوذة من «المنمق، وسيراها القارئ في الحواشي والتعليقات» .
إلى هنا لا يملك القارئ لكلمات الأستاذ «حميد الله» إلا أن يطمئن شيئا إلى أنه ثمة تشابه بين الكتابين المحبر والمنمق، وإلى أن هذا التشابه من القوة بمكان.
وحين انتهيت من تقصى المقابلات التي عرضها الأستاذ «حميد الله» تساءلت:
أين ذلك الاتفاق الكبير بين الكتابين؟ وهل هذه المقابلات هي كل ما بين الكتابين من مخالفات؟ وأن ما بعد ذلك مما لم تثبت فيه مقابلات ماض على وتيرة واحدة لا خلاف فيه بين الكتابين.
كان هذا ما ظننته، وكان هذا ما أوحت به كلمة الأستاذ «حميد الله» عن الكتابين.
وعلى هذا جاءت كلمتي في مقدمتي للطبعة الأولى من كتاب «المعارف» فلقد كنت فيها أسير هذه المعلومات التي أفدتها من كلمة الختام تلك. ولكنى بقيت أرقب الحصول على نسخة من كتاب «المنمق» ، وكنت أعرف أن الكتاب مخطوط وأنه ليس ثمة منه غير مخطوطة فريدة.
وتمضى الأيام فإذا كتاب «المنمق» يصادف من يلتفت إليه ليحققه وينشره على الناس مطبوعا، وإذا هو يخرج إلى الناس في صورة طيبة بعناية أستاذ كريم هو الأستاذ «خورشيد أحمد فارق» أستاذ اللغة العربية بجامعة دلهى.
وعلى الرغم من أنه طبع سنة ١٩٦٤ م، غير أنه لم يقع لي إلا منذ حين قليل وأنا أعد لهذه الطبعة الثانية من كتاب «المعارف» ، وكان لا بد لي من نظرة فيه فاحصة، فإذا الكتاب يحمل عنوانه كاملا «كتاب المنمق في أخبار قريش» ، وإذا أبوابه كلها حول هذا العنوان لا تبعد منها في قليل ولا كثير، وإذا الكتاب نهج آخر غير نهج «المعارف» وغير نهج «المحبر» .