وما أميلنا إلى أن نأخذ بما سبق في «المدارك» ، حين تحدّث عن أبى جعفر أحمد، وأنه كان يحفظ مصنفات أبيه، وعدّتها أحد وعشرون مصنفا، وما هذا العدد بقليل على عالم من العلماء، عمر مثل ما عمر ابن قتيبة، لا سيما والمؤلفات من المؤلفات ذات الأجزاء.
بقي بعد هذا كتاب شاعت نسبته إلى ابن قتيبة، وليس له، وهو: كتاب الإمامة والسياسة.
والأدلة على بطلان نسبة هذا الكتاب إلى ابن قتيبة كثيرة، منها:
(١) أن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكروا هذا الكتاب بين ما ذكروه له.
اللَّهمّ إلا القاضي أبا عبد الله التوزي المعروف بابن الشباط. فقد نقل عنه في الفصل الثاني من الباب الرابع والثلاثين من كتابه «صلة السمط» .
(٢) أن الكتاب يذكر أن مؤلفه كان بدمشق، وابن قتيبة لم يخرج من بغداد إلا إلى الدينور.
(٣) أن الكتاب يروى عن أبى ليلى، وأبو ليلى كان قاضيا بالكوفة سنة (١٤٨ هـ) أي قبل مولد ابن قتيبة بخمس وستين سنة.
(٤) أن المؤلف نقل خبر فتح الأندلس عن امرأة شهدته. وفتح الأندلس كان قبل مولد ابن قتيبة بنحو مائة وعشرين سنة.
(٥) أن مؤلف الكتاب يذكر فتح موسى بن نصير لمراكش، مع أن هذه المدينة شيدها يوسف بن تاشفين سلطان المرابطين سنة ٤٥٥ هـ، وابن قتيبة توفى سنة (٢٧٦ هـ) .