ومن بعد ابن الأنباري: أبو الطيب (٣٥١ هـ) ، إذ يقول في كتابه مراتب النحويين «١» : «وكان أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ أخذ عن أبى حاتم والرياشي وعبد الرحمن بن أخى الأصمعي.
وقد أخذ ابن دريد عن هؤلاء كلهم وعن الأشنانداني، إلا أن ابن قتيبة خلط عليه بحكايات عن الكوفيين لم يكن أخذها عن ثقات. وكان يشرع في أشياء لا يقوم بها، نحو تعرضه لتأليف كتابه في النحو، وكتابه في تعبير الرؤيا، وكتابه في معجزات النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى آله، وعيون الأخبار، والمعارف، والشعراء، ونحو ذلك مما أزرى به عند العلماء وإن كان نفق بها عند العامة ومن لا بصيرة له» .
وغير ابن الأنباري وأبى الطيب نجد: الحاكم أبا عبد الله محمد النيسابورىّ (٤٠٥ هـ) الّذي يقول: «أجمعت الأمة على أن القتيبي كذاب» .
كما نجد «ابن تغريبردى»«٢» يروى (٨٧٤ هـ)«وكان ابن قتيبة خبيث اللسان يقع في حق كبار العلماء» .
وكلام الذين تنقصوا ابن قتيبة كله لا يخرج عن هذين الشقين، شق فيه المآخذ العلمية، وشق معه السب والتشهير.
وما نشك في أن هذه الرغبة الطامحة من ابن قتيبة، التي دفعته إلى أن ينزل في ميادين مختلفة، حمّلته تبعات لم يستطع أن ينهض بها كلها على سواء، وربما اضطرته إلى شيء من الجمع الّذي يفقد الإنسان معه التحري والتثبت، وهذا مما مكن لخصوم الشق الثاني من أن يتهموه بالكذب ونحوه.