وابن قتيبة الّذي ينقل هذا راويا، يذكر غيره مدافعا عن أهل البيت، مما يعبر عن رأيه ومعتقده، وفرق بين أن يزل العالم وهو يروى لينصف التاريخ، وبين أن يزل وهو يفصح عما يعتقد. فابن قتيبة إن زلّ راويا فلم يزل معتقدا.
اسمع إليه وهو يقول في كتابه «الرد على الجهمية»«١» : «وجعلوا ابنه الحسين عليه السلام خارجيّا شاقّا لعصا المسلمين حلال الدم. وسوّوا بينه في الفضل وبين أهل الشورى ... فإن قال قائل ... : أخو رسول الله صلّى الله عليه وسلم على.
وأبو سبطيه الحسن والحسين وأصحاب الكساء: عليّ وفاطمة والحسن والحسين.
تمعرت الوجوه وتنكرت العيون» .
فهذا القول مما ينصف ابن قتيبة لا شك، وليس في الأولى عليه حرج.
وأما عن علمه، فلم يعدم «ابن قتيبة» فيه الطاعن إلى جانب المنصف:
أما عن الذين أنصفوه هنا، فيكادون يكونون هم الذين أنصفوه هناك، عند الحديث عن معتقده، وتكاد تكون كلماتهم هناك هي كلماتهم هنا.
وأما عن الذين اتهموه في علمه، فإنا نجدهم نفرا آخرين، ولعل أقدم من أنكر على ابن قتيبة علمه، هو ابن الأنباري (٢٣٨ هـ) . نجد ذلك على لسان ابن تيمية حين يقول «٢» : «وابن الأنباري من أكثر الناس كلاما في معاني الآي المتشابهات، يذكر فيها من الأقوال ما لم ينقل عن أحد من السلف، ويحتج لما يقوله في القرآن بالشاذ من اللغة» . وقصده بذلك الإنكار على ابن قتيبة.