ولقد نسي هؤلاء أن هذا المتهم بالتشبيه له كتاب في الرد على المشبهة، وأن له في هذا الكتاب عبارات تدل على ميله إلى «على» وآله «١» ، ونسوا أيضا أن له كتابا في تفضيل العرب. ولكن كيف لهؤلاء المتهمين يتهمونه دون دليل؟
في الحق إن لابن قتيبة من الكلام في كتبه ما يثير شيئا من الريبة، اقرأ له قوله في كتابه «مشكل القرآن»«٢» : «وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورضى عنهم، وهم مصابيح الأرض، وقادة الأنام ومنتهى العلم، إنما يقرأ الرجل فيهم السورتين والثلاث والأربع، والبعض والشطر من القرآن، إلا نفرا منهم وفقهم الله لجمعه وسهل عليهم حفظه. قال الشعبي: توفى أبو بكر وعمر وعلى رحمهم الله ولم يجمعوا القرآن. وقال: لم يختمه أحد من الخلفاء غير عثمان. وروى عن شريك عن إسماعيل بن أبى خالد أنه قال: سمعت الشعبي يحلف باللَّه عز وجل: لقد دخل «عليّ» حفرته وما حفظ القرآن» .
نظن أن هذا من كلام ابن قتيبة هو الّذي أثار تلك الثائرة حوله، فانبرى له من انبرى يتهمونه.
اسمع لأبى الحسين أحمد بن فارس (٣٩٥ هـ) يقول في كتابه «الصاحبى»«٣» تعقيبا على هذا الّذي ذكره ابن قتيبة: «وابن قتيبة يطلق إطلاقات منكرة، ويروى أشياء مشنعة، كالذي رواه عن الشعبي أن أبا بكر وعمر وعليّا توفوا ولم يجمعوا القرآن، وأن عليا دخل حفرته وما حفظ القرآن. وهذا كلام شنع جدا» .