يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار جملة واحدة؛ فلا يزداد في ذلك العدد ولا يُنقص منه.
وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه، وكل ميسر لما خلق له والأعمال بالخواتيم، والسعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقي بقضاء الله، وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه ولم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسُلَّم الحرمان ودرجة الطغيان؛ فالحذر كل الحذر من ذلك نظرًا وفكرًا ووسوسة؛ فإن الله تعالى طوى علم القدر عن آنامه، ونهاهم عن مرامه؛ كما قال تعالى في كتابه:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}(الأنبياء: ٢٣) فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب؛ فمن رد حكم الكتاب كان من الكافرين؛ فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم؛ لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود؛ فإنكار العلم الموجود كفر، وإنكار العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود.
وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديرًا محكمًا مبرمًا ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته، كما قال تعالى في كتابه:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}(الفرقان: ٢) وقال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}(الأحزاب: ٣٨) فويلٌ لمن صار لله تعالى في القدر خصيمًا وأحضر للنظر فيه قلبًا سقيمًا، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرًّا كتيمًا، وعاد بما قال فيه أفَّاكًا أثيمًا.