للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس التاسع

(دروس في فقه الدعوة من خلال الهجرة إلى المدينة)

المسلمون يبدءون الهجرة إلى المدينة بعد بيعة العقبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن استنّ بسنته وسار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:

المسلمون يبدءون الهجرة إلى المدينة:

بعد بيعة العقبة الثانية أخذ المسلمون يهاجرون من مكة إلى المدينة، وظلَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينتظر الإذن من ربه، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أراه الله دار هجرته وهي المدينة.

روى الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه، بإسناده إلى عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: ((إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابّتين، وهما الحرّتان)) والحرة أرض ذات حجارة سود كأنها قد احترقت.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((لمَّا صدر السبعون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طابت نفسه، وقد جعل الله له منعة وقومًا، أهل حرب وعدة ونجدة، وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين؛ لما يعلمون من الخروج، فضيّقوا على أصحابه، وتعبّثوا بهم، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالون من الشتم والأذى، فشكا ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه في الهجرة، فقال: قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابّتين. ثم خرج إليهم مسرورًا وحدّد لهم مكان الهجرة، فقال: يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها، فجعل القوم يتجهّزون ويترافقون ويتواسون ويخرجون، ويخفون ذلك)).

هجرة عمر كانت علنًا، وهجرة غيره كانت سرًّا، كان المسلمون يهاجرون سرًّا؛ لأن قريشًا كانت تمنع كل من يريد الهجرة بالقوة وتؤذيه، أمّا عمر فقد أعلن أنه سيهاجر، وحدّد موعد هجرته متحديًا، فقد روى ابن عساكر وابن السمان في (الموافقة)، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "ما علمت أحدًا من المهاجرين

<<  <   >  >>