الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه وصار على نهجه واتبع هداه وبعد:
من هو المدعو؟
الإنسان، أي إنسان كان هو المدعو إلى الله تعالى؛ لأن الإسلام رسالة الله الخالدة، بعث الله به محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس أجمعين، قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}(الأعراف: ١٥٨) وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}(سبأ: ٢٨) وهذا العموم بالنسبة للمدعوين لا يستثنَى منه أي إنسان مخاطب بالإسلام ومكلف بقبوله والإذعان له، وهو البالغ العاقل، مهما كان جنسه ونوعه ولونه ومهنته وإقليمه، وكونه ذكرا أو أنثى، إلى غير ذلك من الفروق بين البشر، ولذلك كان ممن آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- العربي كأبي بكر، والحبشي كبلال، والرومي كصهيب، والفارسي كسلمان، والمرأة كخديجة، والصبي كعلي بن أبي طالب، والغني كعثمان بن عفان، والفقير كعمار، وعلى هذا فالدعوة إلى الله عامة لجميع البشر وليست خاصة لجنس دون جنس، أو طبقة دون طبقة، أو فئة دون فئة، ولهذا يخاطب القرآن البشر بصفتهم الآدمية، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}(البقرة: ٢١) وقال سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}(الأعراف: ٣١).
وعلى الداعي أن يفقه عموم دعوته إلى الله، ويحرص على إيصالها لكلّ إنسان يستطيع الوصول إليه، وهذا لا يناقض ابتداء الداعي بالأقربين إليه، فيدعوهم قبل البعيدين؛ لأن لكل إنسان الحق في إيصال الدعوة إليه، فليس الأبعد بأولى من الأقرب، بل الأقرب أولى؛ لسهولة تبليغه واحتمال صيرورته داعيًا أيضًا بعد