إسلامه، فيسهل إيصال الدعوة إلى البعيدين، ولهذا جاء في القرآن الكريم:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}(الشعراء: ٢١٤) وهذا وإن كان خطابًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنه يشمل الدعاة إلى الله، فعليهم أن ينذروا الأقربين إليهم، مبتدئين بأفراد أسرهم وأقاربهم ومن يعرفونهم، بل إنّ دعوة الأهل وأفراد الأسرة أوجب من غيرهم؛ لأنّ الداعي إن كان رب أسرة فإنه مسئول عنه ((كلكم راع ومسئول عن رعيته)) وهذه المسئولية تشمل القيام بشئونهم المادية؛ من توفير الطعام والشراب والمسكن، ونحو ذلك من الأشياء المادية، كما تشمل شئونهم الدينية؛ بتعليمهم ما يلزمهم من أمور الإسلام ودعوتهم إليه، قال تعالى مثنيًا على أحد رسله الكرام:{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ} وقال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}(التحريم: ٦) ووقايتهم من النار تكون بدعوتهم إلى الإسلام، وطاعة أوامر الله وترك نواهيه.
حقوق المدعو:
ومن حقِّ المدعو أن يؤتى ويُدعَى، أي أنَّ الداعي يأتيه ويدعوه إلى الله تعالى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيء الناس إليه، وهكذا كان يفعل ذلك الداعي الأول نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم، يأتي مجالس قريش ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في منازلها في موسم قدومها مكة، ويدعوهم، ويذهب إلى ملاقاة من يقدم إلى مكة ويدعوه، فقد جاء في سيرة ابن هشام: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه في المواسم على قبائل العرب، يدعوهم إلى الله، ويخبرهم أنه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حين يبيّن عن الله ما بعثه به، فيقف على منازل القبائل من العرب فيقول:((يا بني فلان، إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه، هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي، وتمنعوني حتى أبيّن عن الله ما بعثني به)).