الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
في كل مجتمع يوجَد سادة كما يوجد أشراف لهم نفوذ فيه، وقد يكون بأيديهم السلطان، وهؤلاء هم الصفّ الأول من المدعوين، ويسميهم القرآن الملأ.
وإزاء هؤلاء يوجد جمهور الناس وعامّتهم، وهؤلاء هم الصنف الثاني من المدعوين.
فإذا ما استجاب الناس إلى الدعوة إلى الله، ودخل الإيمان في قلوبهم، وصارت الغلبة للمؤمنين، وصار المجتمع إسلاميًّا- أمكن عند ذاك ظهور صنف آخر يظهر الإسلام رياءً ونفاقًا ويبطن الكفر، وهؤلاء هم المنافقون، وهم الصنف الثالث من أصناف المدعوين.
كما أن من دخل في الإسلام قد يكون إسلامه ضعيفًا، وإيمانه رقيقًا، مما يجعل انزلاقه إلى المعاصي سهلًا، وهؤلاء هم العصاة، ويكوّنون الصنف الرابع من أصناف المدعوين، ولا بد من الكلام عن هذه الأصناف في المباحث التالية:
المبحث الأول: الملأ:
تعريف الملأ: يستعمل القرآن الكريم كلمة الملأ في قصصه عن الرسل الكرام، وما جرى لهم من أقوامهم، والملأ كما يقول المفسرون: هم أشراف القوم وقادتهم ورؤساؤهم وسادتهم، فهم إذن البارزون في المجتمع وأصحاب النفوذ فيه، الذين يعتبرهم الناس أشرافًا وسادة، أو يعتبرون حسب مفاهيم المجتمع وقيمه أشراف المجتمع وسادته، ومن ثَمَّ يستحقون في عرف الناس قيادة المجتمع والزعامة والرئاسة فيه، وقد يباشرون ذلك فعلًا، وإطلاق كلمة الملأ على هؤلاء