أما أخلاقهم وأعرافهم وعاداتهم؛ فكثير منها هدمه الإسلام، ومن ذلك ممارسة الكثير من الرذائل من شرب للخمور، ولعب الميسر، والزواج بغير عدد، وقتل بعضهم للأولاد بسبب الفقر، ووأد البنات خوف العار والفقر، وإثارتهم للحروب لأتفه الأسباب، وأخذ الثأر.
وقد حكى الله تعالى عنهم كل تلك الرذائل في القرآن الكريم وعابهم عليها، من ذلك: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}(المائدة: ٩٠) وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}(التكوير: ٨، ٩) وقال سبحانه {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}(النحل: ٥٨، ٥٩).
الإعداد الإلهي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقوم بأعباء الدعوة
لقد كان ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- تمهيدًا لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور؛ فقد أولى الله رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بعناية خاصة منذ مولده، وذلك إعدادًا له لحمل الرسالة الخاتمة التي يبدد الله بها الظلمات التي ملأت الكون، ولا عجب في ذلك؛ فهذا خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- الذي قضى حياته في مكافحة الوثنية؛ ولكنه لم يقضِ إلا على القليل منها؛ لم يقضِ عليها قضاء مبرمًا؛ فدعا ربه تعالى أن يبعث من ذريته رسولًا يطهّر الله به الأرض من الشرك والوثنية، ويعلم الناس دينهم ويزكيهم به؛ فيعلمون أن ربهم واحد ودينهم واحد؛ قال الله تعالى على لسان إبراهيم -عليه السلام-: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(البقرة: ١٢٩).