للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتداد التضييق على الدعوة إلى الله:

قال ابن إسحاق: "ثم إن قريشًا اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَن أسلم معه منهم، فأغروا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- سفهاءهم، فكذبوه وآذوه ورموه بالسحر والشعر والكهانة والجنون، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مظهر لأمر الله لا يستخفي به، يبادلهم بما يكرهون من عيب دينهم، واعتزال أوثانهم، وفراقه إياهم على كفرهم.

السخرية والتكذيب، وصد الناس عن الدعوة، والاعتداء، والمطالب التعجيزية

وقد سلكت قريش أساليب كثيرة لمجابهة الدعوة؛ والتي منها:

١ - السخرية والتحقير والاستهزاء والتكذيب:

قصدوا بها تخذيل المسلمين وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي -صلى الله عليه وسلم- بتهم هازلة وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه بالمجنون: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (الحجر: ٦) يصفونه بالسحر والكذب، {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (ص: ٤) وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات ملتهمة ناقمة وعواطف مفتعلة، وعواطف منفعلة هائجة {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون} (القلم: ٥١).

وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزءوا بهم، وقالوا: هؤلاء جلساؤه، مَنَّ الله عليهم من بيننا؟! قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِين} (الأنعام: ٥٣) وكانوا كما قص الله علينا: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} (المطففين: ٢٩ - ٣٣).

<<  <   >  >>