ويروي الرواة أن أبا بكر -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم:((لقد طفت في العرب وسمعت فصحاءهم، فما سمعت الذي هو أفصح منك!! فقال -عليه الصلاة والسلام-: أدبني ربي فأحسن تأديبي)) وفي معنى هذا الحديث حديث آخر، روي عن علي -رضي الله عنه- رواه عنه العسكري قال:((قدم بنو فهد بن زيد على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أتيناك من غور تهامة، وذكر خطبتهم وما أجابهم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم قال، أي علي: فقلنا: نبي الله، نحن بني أب واحد، ونشأنا في بلد واحد، وإنك تكلم العرب بلسان لا نفهم أكثره، فقال: أدبني ربي، ونشأت في بني سعد بن بكر)).
وفي كتاب (الرعد والبرق) لابن أبي الدنيا في حديث مرسل: أن أعرابيًّا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت أفصح منك". وروي عن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكلم أبا بكر بلسان كأنه أعجم، لا يَفهم مما يقولان شيئا.
أمور مهمة في وصف بلاغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمثلة من كلامه
أ- منطق الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح أن الأنبياء قليلو الكلام قال:((إنا معاشر الأنبياء بُكَّاء)). وجعل الجاحظ من أسباب قلة كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- النفور من التكلف، والبعد من الصنعة، وشدة المحاسبة للنفس، وذكر في هذا الموضع قول الله تعالى:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}(ص: ٨٦) فأكثر أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الإقلال من الكلام، ولكن ذلك ليس عن عجز بل كراهية للتكلف، وإظهار القدرة على الكلام، وقد كان ذلك شأن كثيرين من بلغاء العرب، ولا يزال شأن كثيرين من صناع الكلام.