وفي رواية للإمام أحمد -رحمه الله- بالإسناد السابق نفسه:((أن نفرًا كانوا جلوسًا بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: ألم يقل الله كذا وكذا؟! وقال بعضهم: ألم يقل الله كذا وكذا؟! فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، فقال: بهذا أمرتم؟! أو بهذا بعثتم؟! أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟! إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا إنكم لستم ممن هاهنا في شيء؛ انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به، والذي نهيتم عنه فانتهوا)).
وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:((خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نتنازع في القدر؛ فغضب حتى احمر وجهه؛ حتى كأنما فقئ في وجنتيه الرمان؛ فقال: أبهذا أمرتم؟! أم بهذا أرسلت إليكم؟! إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه)).
قال المباركفوري -رحمه الله تعالى-: في (التحفة) في شرحه للحديث السابق: ((فغضب حتى احمر وجهه)) أي: نهاية الاحمرار؛ حتى صار من شدة حمرته، ((كأنما فُقِئ)) بصيغة المجهول أي: شق أو عصر ((في وجنتيه)) أي: خديه ((الرمان)) أي حبه، فهو كناية عن مزيد حمرة وجهه المنبئة عن مزيد غضبه؛ وإنما غضب لأن القدر سر من أسرار الله تعالى، وطلب سره منهي، ولأن من يبحث فيه لا يأمن من أن يصير قدريًّا أو جبريًّا، والعباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سر ما لا يجوز طلب سره.