انتهاء إحدى المعارك بجثة امرأة مقتولة، فغضب وقال:((ألم أنهكم عن قتل النساء؟! ما كانت هذه لقاتل))، وبلغت رحمته بالحيوان حدًّا عجيبًا، فقد أمال الإناء إلى هرّة أرادت الشرب، ورأى جملًا هزيلًا فقال:((اتقوا الله في هذه البهائم، أطعموها واركبوها صالحة))، وبلغت معاملته للأرقّاء ووصاياه فيهم حدًّا لم يعرفه التاريخ، وكل ذلك دليل على ما فاضت به نفسه الكبيرة من معاني الرحمة والشفقة.
مشاركته لآلام الناس:
اشتكت إليه فاطمة بنته ما تلقاه من أعمال البيت من شدة وعناء، وطلبت إليه أن يخدمها خادمًا، فرفض -عليه الصلاة والسلام- ذلك، وقال لها:((لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع)).
وذهبت أم الحكم بنت الزبير وأختها فاطمة تسألان النبي -صلى الله عليه وسلم- معونة على أعمالهما البيتية، فقال لهما:((سبقكما يتامى بدر)) وأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بيت فاطمة يزوره، ثم عدل فلم يدخل عليها، فبعثت عليًّا ليسأل عن سبب عدوله عن زيارتها، فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم:((إني رأيت على بابها سترًا موشيًا)) فعاد عليّ إلى فاطمة فأخبرها الخبر، فقالت فاطمة: ليأمرني فيه بما شاء، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لترسلي به إلى فلان)) أهل بيت بهم حاجة، وأراد زيارتها مرة أخرى، فعاد كذلك دون أن يدخل عليها، فأرسلت تسأله عن سرِّ ذلك أيضًا، فأجابها:((إني وجدت في يدها سوارين من فضة)) فبلغها ذلك، فأرسلتهما إليه، فباعهما النبي -صلى الله عليه وسلم- بدرهمين ونصف، وتصدق بهما على الفقراء.