يحلقون رءوسهم، بعد أن لم يستجب له أحد من القبائل النازلة حوالي مكة، ولم يقل في نفسه الكريمة: أي أمل في هؤلاء المشغولين بحلق رءوسهم، ثم إن أولئك الستة كانوا هم الدعاة الأول إلى الإسلام في المدينة، فعلى الداعي أن يقتدي بهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يستهين بأحد فيزهد في دعوته، فقد يكون الخير الكثير على يد هذا الذي لا يرى فيه خيرًا الآن.
واجبات المدعو:
وإذا كان من حقّ المدعو أن يؤتَى ويُدعَى وأن لا يستهان به ولا يستصغر شأنه، فإن عليه أن يستجيب إذا ما دعي إلى الله؛ لأنه يدعى إلى الخير والحق، ويستجيب لنداء ربه -جل جلاله- وعلى ذلك فالمدعوون هم مقصد العملية الدعوية كلها، وهم الغاية التي يراد إحداث تأثير فيها، وحتى يتحقق التأثير المطلوب في المدعوين يحتاج الدعاة إلى معرفة مسبَقة بالمدعوين، تمكنهم من الالتقاء بهم، وإحداث نوع من التجاذب والتجاوب معهم.
إن الإنسان عموما ينظر لغيره بمرآته، ويفسر ما يرى بطبيعته ومشاعره، ويقبل على من يحرص عليه، ويسمع من يخاطب عواطفه وقلبه، هذه الحقائق الفطرية المتصلة بالإنسان تحتم معرفته قبل المجيء إليه، وإعداد الموضوع الذي سيعرض عليه، وصياغة الأسلوب المناسب لخطابه، وباللغة التي يفهمها، وبواسطة هذا الإعداد يمكن الوصول الجادّ للمدعوين.
إن معرفة خصائص الجمهور النفسية والفكرية ليس أمرًا سهلًا، ولكنه يحتاج إلى دراسات نظرية وميدانية توضّح جوانب معينة في المدعوين، تتصل بأنواعهم وأجناسهم وأمزجتهم وثقافتهم وأديانهم، فلقد اختار الله لكل أمة رسولًا من