- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو يأمره بقوله:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}(الأعلى: ٩) وبقوله -سبحانه وتعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}(الأنعام: ٦٨) وهكذا عرّف الله رسوله أن يتخذ المناسبة الحسنة، فيذكّر حين يغلب على ظنّه أن الذكرى ستنفع، ويترك القوم حينما يلقاهم يعبثون بآيات الله؛ لأنهم لا يسمعون ساعتئذٍ، وسيعرضون عن الدعوة إذا عرضت عليهم، ومن الأساليب ذاتها نعرف كيف نعرض الدعوة في حسن وجمال.
وعرضها الحسن يتطلب شقين: شقًّا يتعلق بالدعوة، وشقًّا يتعلق بالناس، أمّا الشق الذي يتعلق بالناس فهو يتكون من نقاط، تلاحظه الأساليب فيما يلي:
أولًا: تقدير الإنسان:
حيث أعطى الله للإنسان كثيرًا من النعم، وسخر له الكون كله، ورزقه العقل ليفهم الأمور ويتدبرها، فلما جاءت الدعوة لم تنقص الإنسان شيئًا، بل أعلنت محافظتها على كثير من المسائل الفطرية؛ إذ بينت أنه لا إكراه في الدين؛ لأن الإكراه لا يتفق مع طبيعة الدين الذي يحتاج إلى إخلاص شامل للظاهر والباطن معًا، وبينت كذلك أنّ الناس جميعًا سواء، فهم لا يتمايزون بسبب النسب أو الجاه.
ثانيًا: ملاحظة التنوع البشري:
وتلاحظ الوسائل تنوع الناس أمام الأدلة، وقد رأينا كيف أنّ العلماء أجمعوا على أنّ من الناس من تكفيه الأدلة الخطابية، ومنهم من تكفيه الأدلة البرهانية اليقينية، ومنهم المجادل اللدود، ومن هنا أتت الأساليب مراعية هذا التنوع، فجاءت المواعظ الحسنة، والحكمة، والجدل بالحسنى؛ لتتناسب مع كافة الطوائف.