وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ كُسَيْبٍ أَبُو الْحَسْنَاءِ، عَنْ طُفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ الْمُجَاشِعِيِّ، وَهُوَ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمْتُ، وَعَلَّمَنِي آيًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَمِلْتُ أَعْمَالًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ: «وَمَا عَمِلْتَ؟» قُلْتُ: ضَلَّتْ لِي نَاقَتَانِ عَشْرَاوَانِ، فَخَرَجْتُ أَبْغِيهُمَا عَلَى جَمَلٍ لِي، فَرُفِعَ لِي بَيْتَانِ فِي فَضَاءٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَصَدْتُ قَصْدَهُمَا، فَوَجَدْتُ فِي أَحَدِهِمَا شَيْخًا كَبِيرًا، فَقُلْتُ: هَلْ حَسَسْتَ مِنْ نَاقَتَيْنِ عَشْرَاوَيْنِ؟ قَالَ: وَمَا نَارَاهُمَا؟ قُلْتُ: مِيسَمُ بَنِي دَارِمٍ، قَالَ: قَدْ وَجَدْنَا نَاقَتَيْكَ وَأَنْتَجْنَاهُمَا وَظَأَرْنَاهُمَا عَلَى وَلَدِهِمَا، وَقَدْ نَعَشَ اللَّهُ بِهِمَا أَهْلَ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ مِنَ الْعَرَبِ، فَبَيْنَمَا الرَّجُلُ يُخَاطِبُنِي إِذْ نَادَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْبَيْتِ الْآخَرِ: قَدْ وَلَدَتْ، قَدْ وَلَدَتْ، قَالَ: فَقَالَ: وَمَا وَلَدَتْ؟ إِنْ كَانَ غُلَامًا فَقَدْ شُرِكْنَا فِي قُوتِنَا، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً دَفَنَّاهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْمَوْلُودَةُ؟ قَالَ: ابْنَةٌ لِي، قُلْتُ: إِنِّي أَشْتَرِيهَا مِنْكَ، قَالَ: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ، تَقُولُ لِي تَبِيعُ ابْنَتَكَ وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي لَا أَشْتَرِي رَقَبَتَهَا مِنْكَ، إِنَّمَا أَشْتَرِي مِنْكَ رُوحَهَا لَا تُقْتَلْ، قَالَ: بِمَ تَشْتَرِيهَا؟ قُلْتُ: بِنَاقَتَيَّ هَاتَيْنِ وَوَلَدَيْهِمَا، قَالَ: وَتَزِيدُنِي بَعِيرَكَ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، عَلَى أَنْ تَبْعَثَ مَعِي رَسُولًا، فَإِذَا بَلَغْتُ أَهْلِي رَدَدْتُهُ إِلَيْكَ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ أَهْلِي رَدَدْتُ إِلَيْهِ الْبَعِيرَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ تَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَمَكْرُمَةٌ مَا سَبَقَنِي إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ أَحْيَيْتُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ مِنَ الْمَوْءُودَةِ، أَشْتَرِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِنَاقَتَيْنِ عَشْرَاوَيْنِ وَجَمَلٍ، فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا بَابٌ مِنَ الْبِرِّ، وَلَكَ أَجْرٌ إِذْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ بِالْإِسْلَامِ» وَمِصْدَاقُ قَوْلِ صَعْصَعَةَ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
[البحر المتقارب]
وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ ... فَأَحْيَا الْوَئِيدَ وَلَمْ تُوأَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute