٧٦ - مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَافِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَعَهُ حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلَّذِي ذُخِرَ لِلْأَنْصَارِ فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَمَرِضَ فَجَزِعَ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ فَقَالَ: قِيلَ لِي لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ» فَكَانَ مِنْ جَوَابِنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَعَلَ بِنَفْسِهِ مَا فَعَلَ مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ عِلَاجٌ تَبْقَى بِهِ بَقِيَّةُ يَدَيْهِ فَفَعَلَ مَا فَعَلَ لِتَسْلَمَ لَهُ نَفْسُهُ وَتَبْقَى لَهُ بَقِيَّةُ يَدَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَذْمُومًا وَكَانَ كَرَجُلٍ أَصَابَهُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَخَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا أَنْ يَذْهَبَ بِهَا سَائِرُ بَدَنِهِ وَيُتْلِفَ بِهَا نَفْسَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَطْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ بِذَلِكَ يَسْلَمُ لَهُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ وَيَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ , ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ وَلَا مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ هَذَا الرَّجُلُ فِيمَا فَعَلَ بِبَرَاجِمِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ فِعْلِهِ تَلَفُ نَفْسِهِ , وَهُوَ خِلَافُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ طَاعِنًا لَهَا أَوْ مُتَرَدِّيًا مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ لِيُتْلِفَ نَفْسَهُ أَوْ مُتَحَسِّيًا لِسُمٍّ لِيَقْتُلَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَبِنْ بِحَمْدِ اللَّهِ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَضَادٌّ وَلَا اخْتِلَافٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ بِالْغُفْرَانِ وَدُعَاؤُهُ لِيَدَيْهِ بِذَلِكَ دُعَاءٌ لَهُ , وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ جِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ عَلَى يَدَيْهِ اسْتَحَقَّ بِهَا الْعُقُوبَةَ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْغُفْرَانِ لِيَدَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غُفْرَانًا لَهُ قِيلَ لَهُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءِ لِيَدَيْ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ لِإِشْفَاقِهِ عَلَيْهِ وَلِعَمَلِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ كَانَ فِي قَلْبِهِ فَدَعَا لَهُ بِذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى لَا لِمَا سِوَاهُ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا عَلَّمَهُ حُصَيْنًا الْخُزَاعِيُّ أَبَا عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute