وقال بعض من قيَّد على رسالة الشيخ أبي محمد: زعم بعضهم الإجماع على المنع من بيع أم الولد، وقدح فيه بعضهم، وكذلك بيعها حاملاً من سيَّدها على ما حكى البرذعي في احتجاجه السابق على داود، وقدح فيه أيضاً بعضهم على قول من يجيز بيع الحامل ويستثنى جنينها.
قال المؤلف عفا الله عنه: رأيت في فصل استصحاب الحال من كتاب (أحكام الفصول في أحكام الأصول) للقاضي الحافظ أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب الباجي رحمه الله تعالى عن داود بن علي الظاهري وأتباعه، ومحمد بن سحنون وأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي: جواز الإقدام على بيعها، وبه تندفع عندي حكاية من زعم الإجماع، والله تعالى أعلم.
وإذا قلنا بمشهور المذهب ومعروفه، ووقع بيع أم الولد، فإنه يفسخ ويتحفظ منه عليها، لئلا يعود إلى بيعها، ولا يمكَّن من السفر بها، وإن خيف عليها وتعذر التحفظ أعتقت عليه كقول مالك فيمن باع زوجته: إنه لا يكون بيعها طلاقاً، وتطلق عليه إن خيف عليها ذلك.
وفي مدارك القاضي أبي الفضل عياض، ومن نوادر ما أفتى به أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المعروف بابن المكوي – في امرأة حرة بقرطبة لها ابنة مملوكة صبية باعها مولاها من رجل خرج بها من قرطبة، وشكت أمها ذلك على أن يمنع من إخراجها وتباع على مشتريها.
وخالفه في ذلك القاضي ابن زرب وغيره من فقهاء وقته، وأخذ ابن أبي عامر بقول ابن المكوي.