للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانية: وجوه إعجاز القرآن

ذكر الزركشي في البحر المحيط أربعة أقوال في إعجاز القرآن، واكتفى بها دون ترجيح، بينما ذكر في كتابه البرهان اثنى عشر وجهًا (١).

قال الإسلام ابن تيمية: «وكون القرآن أنه معجزة، ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم عن معارضته فقط (٢). بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة؛ من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أمر بها، ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي، وعن الغيب المستقبل، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد، ومن جهة ما بين فيه الدلائل اليقينية، والأقيسة العقلية، التي هي الأمثال المضروبة، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ الإسراء ٨٩]، وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٤]، وقال: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر ٢٧ - ٢٨]. وكل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن هو حجة على إعجازه، ولا يناقض ذلك، بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له» (٣) ا. هـ.


(١) انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (٢/ ٩٣ - ١٠٦)، والبحر المحيط للزركشي (٢/ ١٨٤).
(٢) هذا الوجه -وهو الصرفة- تقدم ما فيه، وقد بين شيخ الإسلام ضعف هذا الوجه بعد نهاية هذه الفقرة المنقولة عنه في الجواب الصحيح (٥/ ٤٢٩ - ٤٣٢)، ثم وجهه على سبيل التنزل، بأنه دال على الإعجاز في حالة النفي والإثبات.
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩).

<<  <   >  >>