للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة: القدر المعجز من القرآن

قال الزركشي - لما ذكر تعريف القرآن - وهو: «الكلام المنزل للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته). قال: «وقلنا: بآية منه، ولم نقل بسورة، كما ذكره الأصوليون، لأن أقصر السور ثلاث آيات، والتحدي قد وقع بأقل منها في قوله تعالى: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ [الطور: ٣٤] … » (١).

ثم حكى أقوالًا أخرى في القدر المعجز منه، وحاصلها:

(١) أن المعجز السورة الطويلة دون القصيرة. لأن البلغاء من العرب قد يقدرون على القليل دون الكثير (٢).

(٢) أن المعجز كل سورة من القرآن قصيرة كانت أو طويلة (٣).

(٣) أن المعجز أقله سورة الكوثر، وما يعادلها من القرآن، ولو كان آية واحدة، لأن كلماتها عشر كلمات (٤).

(٤) ونقل عن المعتزلة أن الإعجاز يحصل بجميع القرآن (٥).

ولا شك أن القولين الأول والرابع لا يصحان، لأن القرآن صريح في إثبات التحدي بسورة، وأطلق ذلك دون تقييد بالطويلة ولا القصيرة، فقال الله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [يونس: ٣٨] والقول الرابع أشد بطلانًا وأبعد عن الصواب.


(١) البحر المحيط (٢/ ١٧٨).
(٢) انظر: المصدر نفسه (٢/ ١٧٩)، وهو قول ابن عقيل كما في مجموع الفتاوى (٢٠/ ٤٨١)، وحكاه الزركشي في البحر (٢/ ١٧٩) عن الآمدي.
(٣) انظر: إعجاز القرآن للباقلاني (٢٥٤ - ٢٥٨)، والبحر المحيط (٢/ ١٧٩).
(٤) انظر: الشفا للقاضي عياض (١/ ٥٢٤).
(٥) انظر: الإتقان للسيوطي (٤/ ١٧).

<<  <   >  >>