للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أخْرَجْتنا ونَفْسَك من الجنَّة".

ولو كانت في الأرضِ، فهم قد خرجوا من بساتين، فلم يخرجوا من الجنَّة.

وكذلك قول آدم للمؤمنين يوم القيامة: "وهل أخرجكم من الجنَّة إلَّا خطيئة أبيكم" (١) ، وخطيئته لم تخرجهم من جِنَان الدنيا.

قالوا: وقد قال تعالى في سورة البقرة: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦) } [البقرة: ٣٥، ٣٦] عقيب قوله "اهبطوا" فدلَّ على أنَّهم لم يكونوا قبل ذلك في الأرض.

فهذا يدل على أنَّ هُبُوطهم كان من الجنَّة إلى الأرضِ من وجهين:

أحدهما: من لفظة: {اهْبِطُوا} فإنَّه نزول من علوٍّ إلى سُفل.

والثاني: قوله: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: ٣٦]. عقيب قوله: {اهْبِطُوا} فدلَّ على أنَّهم لم يكونوا قبل ذلك في الأرض.

ثمَّ أكَّدَ هذا بقوله تعالى في سورة الأعراف: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥) } [الأعراف: ٢٥]، ولو كانت الجنَّة في الأرضِ لكانت حياتهم فيها قبل الإخراج وبعده.

قالوا: وقد وصَفَ سبحانه جنَّة آدم بصفاتٍ لا تكون إلَّا في جنَّة


= لفظ: "أنت آدمُ الَّذي أخرجتكَ خطيئتك من الجنَّة" ونحوها.
(١) تقدَّم قريبًا عند مسلم.