للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: في أنَّ الجنَّة يبقى فيها فضل فينشئ اللَّه لها خلقًا دون النَّار

في "الصحيحين" (١) عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَزَال جهنَّم يُلقى فيها وتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} حتَّى يضع ربُّ العزَّةِ فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قَطْ قَطْ بعزَّتك وكرمك، ولا يزال في الجنَّة فضلٌ حتَّى ينشئ اللَّه لها خلقًا، فيسكنهم الجنَّةِ".

وفي لفظ مسلم (٢): "يبقى من الجنَّة ما شاء اللَّهُ أنْ يبقى، ثمَّ ينشئ اللَّه سبحانه لها خلقًا ممَّا يشاء".

وأمَّا الَّلفظُ الَّذي وقع في "صحيح البخاري" (٣) في حديث أبي هريرة: "وأنَّه ينشئ للنَّار من يشاء، فيلقى فيها فتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق: ٣٠]؛ فغلط من بعض الرواة انقلب عليه لفظه، والروايات الصحيحة ونصُّ القرآن يردُّه، فإنَّ اللَّه سبحانه أخبر أنَّهُ يملأ جهنَّم من إبليس وأتباعه، وأنَّه لا يعذِّب إلَّا من قامت عليه حُجَّتُه، وكذَّب رُسُلَهُ، قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: ٨ - ٩] ولا يظلم اللَّه أحدًا من خلقه.


(١) البخاري رقم (٦٩٤٩)، ومسلم رقم (٢٨٤٨).
(٢) رقم (٢٨٤٨) - (٣٩).
(٣) رقم (٧٠١١)، وقد تقدم بيان هذا الغلط ص (٧٥٤ - ٧٥٥).