الباب السابع والأربعون في ذكر أنهار الجنَّة وعيونها وأصنافها ومجراها الَّذي تجري عليه
وقد تكرَّر في القرآن في عدَّة مواضع قوله تعالى:{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[البقرة: ٢٥]، وفي موضع:{جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا}[التوبة: ١٠٠]، وفي موضع:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}[يونس: ٩].
وهذا يدلُّ على أمور:
أحدها: وجود الأنهار فيها حقيقة.
الثاني: أنَّها جارية لا واقفة.
الثالث: أنَّها تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم، كما هو المعهود في أنهار الدنيا.
وقد ظنَّ بعض المفسرين أنَّ معنى ذلك جريانها بأمرهم، وتصريفهم لها كيف شاؤوا، وكأنَّ الَّذي حملهم على ذلك أنَّه لمَّا سمعوا أنَّ أنهارها تجري في غير أخدودٍ، فهي جارية على وجه الأرض حملوا قوله:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} على أنَّها تجري بأمرهم، إذْ لا يكون فوق المكان تحته.
وهؤلاء أُتُوا من ضعف الفَهم، فإنَّ أنهار الجنَّة وإنْ جَرَتْ في غير أخدود؛ فهي تحت القصور والمنازل والغرف، وتحت الأشجار، وهو سبحانه وتعالى لم يقل: من تحتِ أرضها، وقد أخبر سبحانه عن