للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، فيقولون: أمطري علينا فما يزال المطر عليهم حتَّى ينتهيَ ذلك فوق أمانيهم، ثمَّ يبعث اللَّه تعالى ريحًا غير مؤذية فتنسفُ كثبانًا من مسك عن أيمانهم وعن شمائلهم، فيأخذون ذلك المسك في نواصي خيولهم وفي مفارقها وفي رؤوسهم، ولكلِّ رجلٍ منهم جُمَّة على ما اشتهتْ نفسه، فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام، وفي الخيلِ وفيما سوى ذلك من الثياب، ثمَّ يقبلون حتَّى ينتهوا إلى ما شاء اللَّه، فإذا المرأة تنادي بعض أولئك: يا عبد اللَّه أَمَا لَك فينا حاجة؟ فيقول (١): ما أنت، ومن أنت؟ فتقول: أنا زوجتك وحِبك، فيقول: ما كنت علمت بمكانك، فتقول المرأة: وما تعلم أنَّ اللَّه تعالى قال: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة: ١٧]، فيقول: بلى وربِّي. فلعلَّه يشتغل عنها بعد ذلك الموقف أربعينَ خريفًا، ما يشغله عنها إلَّا ما هو فيه من النعيم" (٢).

[فصل]

وقد جعل اللَّهُ سبحانه السحاب وما يمطره سببًا للرحمة والحياة، في هذه الدَّار، ويجعله سببًا لحياةِ الخلقِ في قبورهم، حيث يمطر على الأرضِ أربعين صباحًا (٣) مطرًا متداركًا من تحت العرشِ، فينبتون


(١) في نسخة على حاشية "أ": "فيقول: ما كنت علمتُ".
(٢) تقدمَّ الكلامُ عليه في ص (٥٦٦ - ٥٦٧).
(٣) أخرجه المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك رقم (١٦٠٧).
من حديث سلمان الفارسي موقوفًا. =