للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

الدليل الرَّابع: قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٤, ١٥].

ووجه الاستدلال بها: أنَّه سبحانه جعل من أعظم عقوبة الكفار كونهم محجوبين عن رؤيته، وسماع كلامه، فلو لم يرهُ المؤمنون، ولم يسمعوا كلامَهُ كانوا أيضًا محجوبين عنه، وقد احتج بهذه الحُجَّة الشافعي نفسه وغيره من الأئمة، فذكره الطبري وغيره عن المزني قال: سمعتُ الشافعي يقول في قوله عزَّ وجلَّ: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} قال: "فيها دلالة على أنَّ أولياء اللَّه يرون ربَّهم يوم القيامة" (١).

وقال الحاكم: حدثنا الأصم حدثنا الربيع بن سليمان قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي، وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقولُ في قول اللَّه تبارك وتعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} فقال الشافعي: لمَّا أنْ حَجَبَ هؤلاءِ في السخط كان في هذا دليلٌ على أنَّ أولياءه يرونه في الرِّضى. قال الربيع: فقلت: يا أبا عبد اللَّه، وبه تقول؟ قال: نعمِ، وبه أدين اللَّه، لو لم يُوقن محمد بن إدريس أنَّه يرى اللَّه = لَمَا عَبَدَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ".


= (١١/ ١٠٨) عن مجاهد. وسنده حسن.
(١) أخرجه اللالكائي الطبري في شرح أصول الاعتقاد برقم (٨٠٩).