الباب السابع والستون: في أبدية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد
هذا مما يُعْلَم بالاضطرار أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر به، قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)} [هود: ١٠٨] أي: غير مقطوع.
ولا تنافي بين هذا وبين قوله:{إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}[هود: ١٠٨]، واختلف السلف في هذا الاستثناء:
* فقال معمر عن الضحاك:"هو في الذين يخرجون من النار، فيدخلون الجنة، يقول سبحانه: إنهم خالدون في الجنة ما دامت السماوات والأرض، إلا مُدَّة مكثهم في النار"(١).
قلت: وهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون الإخبار عن الذين سُعِدُوا وقع عن قوم مخصوصين، وهم هؤلاء.
والثاني: - وهو الأظهر - أن يكون وقع عن جملة السعداء، والتخصيص بالمذكورين هو في الاستثناء، وما دل عليه.
وأحسن من هذين التقديرين: أن تُردَّ المشيئة إلى الجميع، حيث
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٧/ ٢٠٨٨) رقم (١٢٤٤)، والطبري في تفسيره (١٢/ ١٢٠). وسنده صحيح.