للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أصل الثواب والعقاب: فهل يعلم بالعقل مع السمع، أو لا يُعْلم إلا بالسمع وحده؟ ففيه قولان لِنظَّار المسلمين من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم.

والصحيح أن العقل دلّ على المعاد والثواب والعقاب إجمالًا، وأما تفصيله فلا يُعْلَم إلا بالسمع، ودوام الثواب والعقاب مما لا يدلّ عليه العقل (١) بمجرده، وإنما عُلِم (٢) بالسمع، وقد دلّ السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين، وأما عقاب العصاة فقد دلّ السمع أيضًا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحِّدين، وأما دوامه وانقطاعه في حق الكفار، فهذا مُعْتَرَك النِّزَال، فمن كان السمع من جانبه فهو أسعد بالصواب (٣). وباللَّه التوفيق.

[فصل]

ونحن نذكر الفرق بين دوام الجنة والنار شرعًا وعقلًا، وذلك يظهر من وجوه:

أحدها: أن اللَّه سبحانه وتعالى أخبر ببقاء نعيم أهل الجنة ودوامه، وأنه لا نفاد له ولا انقطاع، وأنه غير مجذوذ. وأما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها، وعدم خروجهم منها، وأنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأنها موصدة عليهم، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها


(١) ليس في "أ".
(٢) في نسخةٍ على حاشية "أ": "يُعْلَم".
(٣) في "ج": "بالجواب".