للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس والستون: في تكليمه سبحانه لأهل الجنَّة، وخطابه لهم ومحاضرته إيَّاهم، وسلامه عليهم

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [آل عمران: ٧٧].

وقال في حقِّ الَّذين يكتمون ما أنزلَ اللَّهُ من الهُدَى والبيِّنات: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: ١٧٤].

فلو كان لا يكلِّم عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هم وأعداء اللَّه (١) سواء، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنَّه لا يكلمهم فائدةً أصلًا، إذْ تكليمه لعباده عند الفرعونية والمعطِّلة مثل أنْ يُقال: يؤاكلهم ويشاربهم، ونحو ذلك، تعالى اللَّهُ عمَّا يقولون.

وقد أخبر سبحانه أنَّه يسلِّمُ على أهل الجنَّة، وأنَّ ذلك السلام حقيقة، وهو قولٌ من ربٍّ رحيم (٢)، وتقدَّم تفسيرُ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهذه الآية في حديث جابر في الرؤية، وأنَّه يشرف عليهم من فوقهم، ويقول: "سَلَامٌ عليكم يا أهل الجنَّة" (٣) فيرونه عيانًا، وفي هذا إثبات الرؤية


(١) قوله "وأعداء اللَّه" في "ب، ج، د، هـ": "وأعداؤه".
(٢) وقع في نسخةٍ على حاشية "أ": {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} [يس: ٥٨] بدل جُملة "قول من رب رحيم".
(٣) ص (٦٦٣).