للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ اللَّه سبحانه وتعالى يُرى في القيامة بالأبصارِ عِيَانًا، كما يُرى القمرُ ليلةَ البدرِ صَحْوًا، وكما تُرى الشمس في الظهيرة، فإنْ كان لما أخبر به اللَّه ورسوله عنه من ذلك حقيقة -وإنَّ له واللَّه حقَّ الحقيقة- فلا يمكن أنْ يروهُ إلَّا من فوقهم، لاستحالة أن يروهُ أسفل منهم، أو خلفهم، أو أمامهم، أو عن يمينهم وشمالهم، وإنْ لم يكن لِمَا أخبر به حقيقة - كما يقوله: أفراخ الصابئة، والفلاسفة والمجوس، والفِرعونية - بطل الشرع والقرآن، فإنَّ الَّذي جاء بهذه الأحاديث، هو الَّذي جاء بالقرآن والشريعة، والَّذي بلَّغها هو الَّذي بلَّغ الدِّين، فلا يجوزُ أنْ يُجعل كلام اللَّهِ ورسوله عِضِين، بحيث (١) يؤمن ببعض معانيه، ويُكْفر ببعضها، فلا يجتمع في قلب العبدِ بعد الاطلاع على هذه الأحاديث، وفهم معناها إنكارها، والشهادة بأنَّ محمدًا رسول اللَّه أبدًا: و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٤٣].

والمنحرفون في باب رؤية الربِّ تبارك وتعالى نوعان:

أحدهما: من يزعم أنَّه يُرى في الدنيا، ويحاضر ويُسَامر.

والثاني: من يزعم أنَّه لا يُرى في الآخرة ألبتَّة، ولا يُكلِّم عباده.

وما أخبر اللَّهُ به رسوله وأجمع عليه الصحابة والأئمة يُكذِّبُ الفريقين، وباللَّه التوفيق.


(١) من "ب، ج، د، هـ" ونسخة على حاشية "أ".