للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن في الجواب عمَّا احتجت به هذه الطائفة

وقد تقدَّم في الباب الأوَّل من ذكر الأدلَّة الدَّالة على وجود الجنَّة الآن ما فيه كفاية.

فنقول: ما تعنون بقولكم: إنَّ الجنَّة (١) لم تُخْلَق بَعْدُ؟ أتريدون أنَّها الآن عدَمٌ محضٌ لم تدخل إلى (٢) الوجود بعدُ، بل هي بمنزلة النفخ في الصُّور، وقيام النَّاس من القبور؟ فهذا قولٌ باطلٌ يَرُدُّه المعلوم بالضَّرورة من الأحاديث الصريحة الصحيحة التي تقدَّم بعضها، وسيأتي بعضها، وهذا قول لم يقله أحد من السلف، ولا أهل السنَّة، وهو باطل قطعًا. أم تريدون أنَّها لم تخلق بكمالها، وجميع ما أعدَّ اللَّهُ فيها لأهلها، وأنَّها لا يزال اللَّهُ يُحْدِثُ فيها شيئًا بعد شيء، وإذا دخلها المؤمنون أَحْدثَ اللَّهُ فيها عند دخولهم أُمُورًا أُخر، فهذا حقٌّ لا يمكن ردُّه.

وأدلتكم هذه إنَّما دلَّت على هذا القدر، وحديث ابن مسعود رضي اللَّهُ عنه الَّذي ذكرتموه (٣)، وحديث أبي الزبير، عن جابر (٤): صريحان في أنَّ أرضها مخلوقة، وأنَّ الذِّكْر يُنشئ اللَّهُ سبحانه لقائله


(١) قوله: "إنَّ الجنَّة" ليس في "ب".
(٢) في "ب": "في".
(٣) تقدم ص (٩١).
(٤) تقدم ص (٩٢ - ٩٣).