للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) } [البقرة: ٣٤ - ٣٧].

فهذا إهباط آدم وحواء وإبليس من الجنَّةِ، ولهذا أتى فيه بضمير الجمعِ.

وقد قيلَ: إنَّ الخطاب لهما وللحيَّة. وهذا ضعيفٌ جدًّا، إذ لا ذكر للحيَّة في شيءٍ من قصَّة آدم، ولا في السِّياقِ ما يدلُّ عليها.

وقيل: الخطابُ لآدمَ وحوَّاء، وأتى فيه بضمير الجمع كقوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: ٧٨]، وهمَا داود وسليمان.

وقيل: لآدم وحواء وذريتهما.

وهذه الأقوال ضعيفة غير الأوَّل؛ لأنَّها بين قولٍ لا دليلَ عليه، وبين ما يدلُّ اللفظُ على خلافه، فثبت أنَّ إبليس داخلٌ في هذا الخطابِ، وأنَّه من المُهْبَطِيْن.

فإذا تقرَّر هذا، فقد كرَّر سبحانه الإهباط ثانيًا بقوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) } [البقرة: ٣٨].

والظَّاهرُ أنَّ هذا (١) الإهباط الثاني غيرُ الأوَّل، وهو إهباط من


(١) ليس في "أ".