للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠]، ولم يقل: إنِّي جاعل في جنَّة المأوى، فقالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: ٣٠] ومحال أنْ يكون هذا في جنة المأوى.

وقد أخبر اللَّهُ سبحانه عن إبليس أنَّه قال لآدمَ: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠) } [طه: ١٢٠].

فإن كان (١) اللَّهُ سبحانه وتعالى قد أسكنَ آدم جنة الخلد والمُلك الَّذي لا يَبْلَى، فكيف لا (٢) يرد عليه ويقول له: كيف تَدُلُّني على شيءٍ أنا فيه، وقد أُعْطِيتُه، ولم يكن اللَّهُ سبحانه وتعالى قد أخبر آدم إذ أسكنه الجنَّة أنَّه فيها من الخالدين، ولو علم أنَّها دار الخلد لما ركن إلى قول إبليس، ولا مال إلى نصيحته، ولكنَّه لما كان في غير دار خلودٍ غرَّهُ بما أطمعه (٣) فيه من الخُلْدِ.

قالوا: ولو كان آدم أُسْكِنَ جنة الخلد، وهي دار القُدس التي لا يسكنها إلَّا طاهرٌ مقدَّسٌ، فكيف توصَّل إليها إبليسُ الرجس النجس المذموم المَدْحُور، حتى فتن فيها آدم عليه السلام ووسوس له؟ وهذه الوسوسة: إمَّا أنْ تكون في قلبه، وإمَّا أنْ تكونَ في أُذُنِهِ، وعلى التقديرين، فكيف توصلَ الَّلعينُ إلى دخول دار المتقين.

وأيضًا؛ فبعد أنْ قيلَ له: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}


(١) ليس في "ج".
(٢) من "أ"، وفي باقي النسخ "لم".
(٣) في "ج": "أطعمه" وهو خطأ.