للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأعراف: ٢٢] ولم يقل عن هذه الشجرة، فعندما قال لهما: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٠] لما أطمعهما في مُلْكها، والخلود في مقرَّها أتى باسم الإشارة بلفظ الحضور، تقريبًا لها، وإحضارًا لها عندهما، وربهما تعالى قال لهما: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٢]، ولمَّا أراد إخراجهما منها، فأتى باسم الإشارةِ بلفظ البُعد والغيبة، كأنَّهما لم يبق لهما من الجنَّة حتى ولا مشاهدة الشجرة التي نُهيا عنها.

وأيضًا؛ فإنَّه سبحانه قال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠] ووسوسة اللعين من أخبث الكَلِم، فلا يصعد إلى محل القدس.

قال منذر: "وقد روي عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّ آدمَ عليه السلام نامَ في جنته" (١) . وجنة الخُلْد لا نوم فيها بالنَّص، وإجماع المسلمين، فإنَّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ: أينامُ أهلُ الجنَّة في الجنَّة؟ قال: "لا، النومُ أخو الموتِ" (٢) والنوم وفاةٌ، وقد نطق به القرآن، والوفاة تَقَلُّبُ حالٍ، ودار


(١) لم أقف عليه مرفوعًا.
وسيذكر المؤلف أنَّه جاء عن مجاهد.
(٢) أخرجه البزارُ في مسنده، كما في "كشف الأستار": (٤/ ٣٥١٧)، وأبو الشيخ الأصبهاني في تاريخ أصبهان رقم (٣٥٣ و ٤٧٧) وغيرهما.
من طريق الفريابي والحسين بن حفص وغيرهما عن الثوري عن محمد ابن المنكدر عن جابر فذكره مرفوعًا.
وهذا خطأٌ على الثوري، والصواب أنَّ الحديثَ مرسل ليس فيه جابر بن عبد اللَّهِ.
هكذا رواه وكيع وجرير وابن المبارك والأشجعي وقطبة وعبيد اللَّه بن موسى، والفريابي -في الرواية الراجحة عنه- ومخلد بن يزيد وقبيصة كلهم =