للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا ففي الآية قولان:

أحدهما: قول مجاهد، قال: "قالت كفار قريش: الملائكة بناتُ اللَّهِ، فقال لهم أبو بكر: فمن أمهاتهم؟ فقالوا: سَرَوات الجن" (١) .

وقال الكلبي: "قالوا تزوج من الجن فخرج من بينهما الملائكة" (٢) .

وقال قتادة: "قالوا: صاهر الجِن" (٣) .

والقول الثاني: قول الحسن قال: "أشركوا الشياطين في عبادة اللَّهِ، فهو النسب الَّذي جعلوه" (٤) .

والصحيح قول مجاهد وغيره، وما احتج به أصحاب القول الأوَّل ليس بمستلزم لصحة قولهم؛ فإنَّهم لمَّا قالوا الملائكة بناتُ اللَّهِ، وهم من الجِنِّ عقدوا بينه وبين الجنِّ نسبًا بهذا الإيْلاد، أو جَعَلُوا (٥) هذا النَّسَبَ متولِّدًا بينه وبين الجِنَّة. وأمَّا قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} فالضمير يرجعَ إلى الجِنَّة، أي: قد علمت الجِنَّة أنَّهم


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٠٨) وعنده (بنات سروات الجن).
وسنده حسن إلى مجاهد، وفيه انقطاع بينه وبين أبي بكر الصديق.
"وسروات الجِنِّ": أي: أشرافهم. النهاية: (٢/ ٣٦٣).
(٢) ذكره الواحدي في تفسيره الوسيط (٣/ ٥٣٤).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ١٢٨) رقم (٢٥٦٠). وسنده صحيح.
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره النكت والعيون (٥/ ٧٠).
(٥) في "ب": "وجعلوا".