للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه ثلاث صفات في تربتها، لا تعارض بينها.

فذهبت طائفة من السلف إلى أنَّ تربتها متضمنةٌ للنوعين: المِسْك والزعفران.

قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال: قال مُغِيث بن سُمَي: "الجنَّة ترابها المسك والزعفران" (١) .

ويحتمل معنيين آخرين:

أحدهما: أنْ يكون التراب من زعفران، فإذا عجن بالماء صار مِسْكًا، والطين يسمَّى ترابًا، ويدل على هذا قوله في اللفظ الآخر: "ملاطها المسك" (٢) ، والملاط: الطين، ويدل عليه أنَّ في حديث العلاء بن زياد: "ترابُها الزعفران، وطينها المسك" (٣) ، فلمَّا كانت تربتها طيبة، وماؤها طيِّبًا، فانضمَّ أحدهما إلى الآخر حدثَ لهما طيب


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٧/ ٦٢) رقم (٣٤٠١٤) بأطول ممَّا ذكر المؤلف وفيه "جبالها المسك، وترابها الزعفران". وأبو الشيخ في العظمة رقم (٥٧٦)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (١٦٢) واللفظ له.
وسنده صحيح.
ومغيث هو ابن سُمي الأوزاعي أبو أيوب الشامي، تابعيٌ ثقة، كان صاحب كتب كأبي الجَلْد ووهب بن منبه.
انظر: تهذيب الكمال (٢٨/ ٣٤٨ - ٣٥٠).
(٢) تقدم ص (٢٨١).
(٣) تقدم ص (٢٨٢).