للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنَّة فيها، وإنَّما يقولون: هم غلمان أنشأهم اللَّهُ في الجنَّة إنشاءً (١) ، كما أنشأ الحور العين.

قالوا: وأمَّا وِلْدان أهل الدنيا فيكونون يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين سنة؛ لما رواهُ ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث أنَّ درَّاجًا أبا السَّمح حدَّثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من مات من أهل الجنَّة من صغيرٍ أو كبيرٍ يُردُّون بني ثلاثٍ و (٢) ثلاثين سنة في الجنَّة، لا يزيدون عليها أبدًا، وكذلك أهل النَّار" (٣) . رواهُ الترمذي.

والأشبه أنَّ هؤلاءِ الولدان مخلوقون من الجنَّة -كالحور العين- خَدَمًا لهم وغِلْمَانًا، كما قال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) } [الطور: ٢٤] وهؤلاء غير أولادهم، فإنَّ من تمام كرامة اللَّهُ تعالى لهم أنْ يجعل أبناءهم مخدومين معهم، لا يجعلهم غلمانًا لهم.

وقد تقدَّم في حديث أنس عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا أوَّل النَّاسُ خروجًا إذا بُعِثُوا، -وفيه- يطوف عليَّ ألفُ خادمٍ كأنَّهم لؤلؤ مكنون" (٤) .

والمكنون: المستور المصون الَّذي لم تبتذله الأيدي.


(١) من "ب، ج، د، هـ".
(٢) قوله "ثلاثٍ و" من "أ" فقط، وليس عند الترمذي، ولا في باقي النسخ، ولم تَرِد أيضًا في (ص/ ٣١٦)؛ لكن كلام المؤلف يقتضيه، فلعلَّه في بعض نسخ الترمذي.
(٣) تقدم في ص (٣١٦).
(٤) تقدم في ص (٢٢٥).