للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧]، ولو كان على تزوجت بها لقال: زوجناك بها. وقال ابن سلَّام: "تميم تقول: تزوجت امرأةً، وتزوجت بها" وحكاه الكسائي أيضًا. وقال الأزهري: "تقول العرب: زوجته امرأةً، وتزوجت امراةً، وليس من كلامهم: تزوجت بامرأة، قال: وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: ٢٠] أي: قرنَّاهم، وقال الفرَّاءُ: "هي لغة في أزدِ شَنُوْءة" (١) ، قال الواحدي: "وقول أبي عبيدة في هذا حسن (٢) ؛ لأنه جعله من التزوج الذي هو بمعنى جعل الشيء زوجًا لا بمعنى عقد النكاح، ومن هذا يجوز أن يقال: كان فردًا فزوجته بآخر، كما يقال: شفعته بآخر، وإنما تمتنع الباء عند من يمنعها، إذا كان بمعنى عقد التزويج".

قلت: ولا يمتنع أن يراد الأمران معًا، فلفظ التزويج: يدل على النكاح، كما قال مجاهد: "أنكحناهم الحور" (٣) ، ولفظ الباء: يدل على الاقتران والضم، وهذا أبلغ من حذفها، واللَّه أعلم.

وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) }. [الرحمن: ٥٦ - ٥٨].

وصفهنَّ سبحانه بِقِصَرِ الطرف في ثلاثة مواضع:

أحدها: هذا.


(١) انظر معجم تهذيب اللغة للأزهري (٢/ ١٥٧٤).
(٢) في (هـ)، ونسخة على حاشية "أ": (أحسن).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٥/ ١٣٦) وسنده حسن.