للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) } [الواقعة: ١٧ - ٢٣].

فذكر سُرُرَهم وآنيتهم وشرابهم وفاكهتهم وطعامهم وأزواجهم من الحور العين، ثمَّ ذكر أصحاب الميمنة وطعامهم وشرابهم وفرشهم ونساءهم، فالظاهر: أنَّهنَّ مثلُ نساءِ مَنْ قبلهم خُلِقنَ في الجنَّة.

الثاني: أنَّه سبحانه قال: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) } [الواقعة: ٣٥].

وهذا ظاهرٌ أنَّه إنشاء أوَّل لا ثانٍ؛ لأنَّه سبحانه حيث يريد الإنشاء الثاني يُقيِّده بذلك، كقوله: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧) } [النجم: ٤٧]، وقوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} [الواقعة: ٦٢].

الثالث: أنَّ الخطاب بقوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) } [الواقعة: ٧]، إلى آخره للذكور والإناث، والنشأة الثانية عامَّة أيضًا للنوعين، وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) } [الواقعة: ٣٥]، ظاهره اختصاصهنَّ بهذا الإنشاء، وتأمَّل تأكيده بالمصدر، والحديث لا يدلُّ على اختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف، بل يدلُّ على مشاركتهنَّ للحور العين في هذه الصفات المذكورة، فلا يتوهم انفراد الحور العين عنهنَّ ممَّا (١) ذُكِرَ من الصفات، بل هُنَّ أحقُّ بها منهنَّ، فالإنشاءُ واقعٌ على الصِّنفين، واللَّهُ أعلمُ.

وقوله تعالى: {عُرُبًا} جمع عَرُوب: وهنَّ المتحبِّبات إلى


(١) في "ب، د": "بما"، وفي "هـ": "ما".