للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّابع: أنَّه قد ثبتَ في "الصحيح" (١) عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "يبقى في الجنَّة فضلٌ فينشئُ اللَّه لها خلقًا فيسكنهم إيَّاها"، ولو كان في الجنَّة إيلاد لكان الفضل لأولادهم، وكانوا أحقَّ به من غيرهم.

الخامس: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى جعل الحمل والولادة مع الحيض والمني، فلو كُنَّ النساء يحْبَلْنَ في الجنَّة لم يقطع عنهنَّ الحيض والإنزال.

السادس: أنَّ اللَّهَ سبحانه قدر التناسل في الدنيا؛ لأنَّه قدر الموت، وأخرجهم إلى هذه الدَّارِ قرنًا بعد قرنٍ، وجعل لهم أمَدًا ينتهون إليه، فلولا التناسل لبطل النوع الإنساني، ولهذا الملائكة لا تتناسل، فإنَّهم لا يموتون كما تموت الإنس والجنَّ، فإذا كان يوم القيامة أخرج اللَّهُ سبحانه النَّاسَ كلهم من الأرضِ، وأنشأهم للبقاءِ لا للموتِ فلا يحتاجون إلى تناسل يحفظ النوع الإنساني، إذ هو منشأ للبقاء والدوام، فلا أهل الجنَّة يتناسلون، ولا أهل النَّار (٢) .

السابع: أنَّه سبحانه وتعالى قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ (٣) بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٤) } [الطور: ٢١]. فأخبر سبحانه أنَّه يكرمهم بإلحاق ذُرِّياتهم الَّذين كانوا لهم في الدنيا، ولو كان ينشئ


(١) أخرجه مسلم (٢٨٤٨) من حديث أنس رضي اللَّه عنه.
(٢) وقع في "د" إضافة "يتناسلون" لكنَّه ضرب عليها.
(٣) هكذا قرأ أبو عمرو بن العلاء، وقرأ الجمهور بالإفراد {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري (٢/ ٢٨٢).
(٤) هكذا قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، انظر المصدر السابق.