للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنَّه من قول اللَّه عزَّ وجلَّ لأهل الجنَّة يقول لهم: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) }.

والصحيح القول الأوَّل (١) ، وأنَّ هذا قول المؤمن لأصحابه ومحادثيه، والسياق كله والإخبار عنه وعن حال قرينه.

قال كعب: "بين الجنَّة والنَّارِ كُوًى، فإذا أراد المؤمنُ أنْ ينظر إلى عدوٍّ كان له في الدنيا اطَّلعَ من بعض تلك الكُوى" (٢) .

وقوله تعالى: {فَاطَّلَعَ} أي: أشرف. قال مقاتل: "لما قال لأهل الجنَّة: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ}؟ قالوا له: إنَّك أعرف به منَّا، فاطَّلِعْ أنت، فَأَشْرَفَ فرأى قرينه في وسط الجحيم، ولولا أنَّ اللَّه عرَّفه إيَّاهُ لما عرَفه، لقد تغيَّر وجهُهُ ولونُهُ وغيَّرهُ العذاب أشدَّ تغيير، فعندها قال: {تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) } [الصافات: ٥٦ - ٥٧] أي: إنْ كدتَ لتهلكني، ولولا أنْ (٣) أنعمَ اللَّهُ عليَّ بنعمه لكنتُ من المحضرين معَك في العذاب" (٤) .


= في زاد المسير (٧/ ٥٠).
(١) وإليه ذهب عامَّة المفسرين: الطبري (٢٣/ ٥٨)، والماوردي (٥/ ٤٩)، والقرطبي (١٥/ ٨١ - ٨٢)، وابن الجوزي (٧/ ٤٩)، والبغوي (٧/ ٤١) وغيرهم.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره "كما في الدر المنثور (٥/ ٥٢) بنحوه"، وذكره ابن المبارك "كما عند القرطبي (١٥/ ٨٣) بمثله". من طريق قتادة قال: ذكر لنا أنَّ كعب فذكره.
وسنده منقطع، قتادة لم يدرك كعب الأحبار.
(٣) ليس في "ج".
(٤) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٩٩) بمعناه.