للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: ومن المعلوم أنَّ ملكًا لو اتخذ دارًا، وأعدَّ فيها ألوان الأطعمة والآلات والمصالح، وعطَّلها من النَّاسِ، ولم يُمَكِّنهم من دخولها قرونًا متطاولة = لم يكن ما فَعَلَهُ واقعًا على وجه الحكمة، ووجد العقلاء سبيلًا إلى الاعتراض عليه.

فحجروا على الربِّ تبارك وتعالى بعقولهم الفاسدة، وآرائهم الباطلة وشبَّهوا أفعاله بأفعالهم، وردوا من النصوص ما خالف هذه الشَّريعة الباطلة التي وضعوها للرب، أو حرَّفوها عن مواضعِها، وضلَّلوا وبدَّعوا من خالفهم فيها، والتزموا فيها لوازم أضحكوا عليهم فيها العقلاء.

ولهذا يذكر السلفُ في عقائدهم: أنَّ الجنَّة والنَّارَ مخلوقتان، ويذكر من صنَّف في المقالات أنَّ هذه مقالة أهل السنَّة، والحديث قاطبة لا يختلفون فيها (١) .

قال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتاب "مقالات الإسلاميين، واختلاف المصلِّين" (٢) : "جُملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنَّة: الإقرار باللَّه وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند اللَّه، وما رواهُ الثقات عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا يَرُدُّون من ذلك شيئا، واللَّه تعالى إلهٌ واحدٌ فردٌ صمد، لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله،


(١) انظر: "شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة" لِللالكائي: (٣/ ١١٨٤)، "والشريعة" للآجري: (٣/ ١٣٤٣)، و"الرسالة الوافية" للدَّاني ص (١٩٥).
(٢) (١/ ٣٤٥ - ٣٥٠) ط، مكتبة النهضة المصرية، تحقيق: محمد محيي الدِّين عبد الحميد.