للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوعيد الحقِ عينٌ تُعَاين

وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين

نعيم جنان الخلد والأمر واحد ... وبينهما عند التجلِّي تباين

يُسَمَّى عذابًا من عذوبة طعمه ... وذاك له كالقشر والقشرُ صاين"

وهذا في طرف، والمعتزلة الذين يقولون: لا يجوز على اللَّه أن يُخْلِفَ وعيده، بل يجب عليه تعذيب من توعده بالعذاب= في طرف، فأولئك عندهم لا ينجو من النار من دخلها أصلًا، وهذا عنده لا يعذب بها أحد أصلًا. والفريقان مخالفان لما عُلِمَ بالاضطرار أن الرسول جاء به، وأخبر به عن اللَّه عز وجل.

الثالث: قول من يقول: إن أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود، ثم يخرجون منها، ويخلفهم فيها قوم آخرون. وهذا القول حكاه اليهود للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأكذبهم فيه (١) ، وقد أكذبهم اللَّه تعالى في القرآن فيه:

فقال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٣٨٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ١٥٥) رقم (٨١٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٦٥٤) رقم (٤١٧١)، والواحدي في أسباب النزول ص (٢٦ - ٢٧) وغيرهم.
وفيه محمد بن أبي محمد الأنصاري مولى زيد بن ثابت، تفرَّد بالرواية عنه ابن إسحاق. قال الذهبي: وقد ورد معناهُ عن غير واحدٍ من التابعين.