للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الشيخ الأصبهاني: حدثنا محمَّد بن حمزة، حدثنا أحمد ابن الخليل، حدثنا الأصمعي قال: جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو ابن العلاء فقال: يا أبا عمرو، أيخلف اللَّه ما وعد؟ قال: أفرأيت من أوعده اللَّه على عمله عقابًا، أيخلف اللَّه وعده فيه؟ فقال أبو عمرو بن العلاء: من العُجْمَة أُتِيْتَ يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا تعدّ عارًا ولا خُلْفًا أنْ تَعِدَ شرًّا ثمَّ لا تفعله، ترى ذلك كرمًا وفضلًا، وإنما الخُلْف أن تَعِدَ خيرًا ثمَّ لا تفعله، قال: فأوْجِدْني هذا في كلام العرب، قال: نعم، أما سمعت إلى قول الأول:

ولا يرهبُ ابنُ العم ما عشتُ سطوتي ... ولا أختشى من صولة (١) المتهدِّد

وإنِّي وإنْ أوعدته أووعدته ... لمخلفُ إيعادي ومنجزُ مَوْعِدي" (٢)

قال أبو الشيخ: وقال يحيى بن معاذ: "الوعد والوعيد حق، فالوعد: حق العباد على اللَّه، ضَمِنَ لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا،


= بالقوي". انظر: تهذيب الكمال (١٢/ ٢١٨ - ٢١٩).
قلت: ومعنى الحديث ثابتٌ في الكتاب والسنة.
(١) في "هـ"، والخرائطي "سطوة" وهما بمعنى واحد. والبيتان لعامر بن الطُّفيل في ديوانه ص (٥٨) مع اختلافٍ قليل في بعض الألفاظ.
(٢) أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق رقم (١٨٨)، وابن عدي في الكامل (٥/ ٩٩)، والبيهقي في البعث والنشور رقم (٤٧)، والخطيب في تاريخه (١٢/ ١٧٢ - ١٧٣).
من طريق سوَّار بن عبد اللَّه القاضي عن الأصمعي به.
وهي قصة صحيحة ثابتة.