للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعاهدني أنْ لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا ربِّ، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره؛ لأنَّهُ يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فإذا أدناهُ منها سمع أصوات أهل الجنَّة فيقول: يا ربِّ أدخلنيها فيقول: يا ابن آدم ما يصريني (١) منك، أيرضيك أنْ أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا ربِّ أتستهزئ مِنِّي (٢) وأنت ربُّ العالمين؟ فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مِمَّ أضحك؟ قالوا: مِمَّ تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: مِمَّ تضحك يا رسول اللَّه؟ قال: "من ضحك ربِّ العالمين حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين، فيقول: لا أستهزئ بك ولكنِّي على ما أشاء قادر".

وفي "صحيح البرقاني" من حديث أبي سعيد الخدري نحو هذه القصة ونحن نسوقه بتمامه من عنده، وهو بإسناد مسلم سواء.

قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ أدنى أهل النَّار عذابًا منتعل بنعلين من نارٍ يغلي دماغه من حرارة نعليه (٣) ، وإنَّ أدنى أهل الجنَّة منزلةً رجلٌ صَرَفَ اللَّه وجهه عن النَّارِ قِبَلَ الجنَّة، ومثَّلَ له شجرة ذات ظلٍّ، فقال: أي ربِّ قدِّمني إلى هذه الشجرة لأكون في ظلها، فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: هل عسيت إنْ فعلت أنْ تسألني غيره، قال: لا وعزَّتك فقدَّمه اللَّه إليها،


(١) قال ناسخ "أ": "أي: يقطعني، والصِرى: القطع. قال الحربيُّ: إنَّما هو تصرك عني، أي: يقطعك عنِّي من مسألتي".
(٢) في نسخةٍ على حاشية "أ": "بي".
(٣) إلى هنا انتهى لفظ مسلم في صحيحه رقم (٢١١)، وآخره عند مسلم برقم (١٨٨).