للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنفي الرؤية ـ وهو المدلول ـ غير صحيح من جهة الشرع، لذا لا يمكن أن يكون له دليل، فأي استدلال بدليل، فإنه يعني وقوع الخطأ في فهم الدليل، ثم في تفسيره، وهو المدلول.

وذهب المرجئة ـ وتبعهم الأشاعرة ـ إلى أن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، وهو التصديق، وإذا وُجِدَ التصديق انتفى ضدُّه، وقد أثَّر مفهوم الإيمان على تفسيراتهم، ومن أمثلةِ ذلك ما وقعَ فيه ابن عطيَّةَ (ت:٥٤٢) في رأيه في كفرِ العنادِ والجحودِ، ومن ذلك ما ذكرَ في قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤]، قال: «وظاهر قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} حصولُ الكفرِ عنادًا، وهي مسألةٌ قولينِ (١)، هل يجوزُ أن يقعَ أم لا؟ ...

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والذي يظهرُ عندي في هذه الآيةِ وكلِّ ما جرى مجراها: أنَّ الكفرةَ كانوا إذا نظروا في آياتِ موسى أعطتهم عقولُهم أنَّها ليست تحت قدرةِ البشرِ، حصلَ لهم اليقينُ أنها من عند اللهِ تعالى، فيغلبُهم أثناء ذلك الحسدُ، ويتمسَّكونَ بالظنونِ في أنه سِحرٌ وغير ذلك مما يختلجُ في الظَّنِّ بحسبِ كلِّ آيةٍ، ويلجون في ذلك، حتى يُستلبَ ذلك اليقين أو يدوم كذلك مضطربًا، وحُكمه حكمُ المستلَبِ في وجوه عذابهم» (٢).

وقال في قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ


(١) هذا النقل من طبعة المغرب، ويبدو أنه سقط حرف الجرِّ (على)، وفي المحرر الوجيز، ط: قطر (١١:١٧٩): «وهي مسألة فيها قولانِ».
(٢) المحرر الوجيز، ط: المغرب (١٢:٩٦ ـ ٩٧). وقد نقلتُه منها لأنَّ في طبعة: قطر (١١:١٧٩ ـ ١٨٠) سقطٌ مخلٌّ يُقدَّر بسطرينِ، والله المستعانُ، وقد كرر هذه النظرية في (٥:١٨٢ ـ ١٨٤)، وينظر: (١:٢٤٩، ٤٤٦ ـ ٤٤٧)، (٤:٣٠٤ ـ ٣٠٥)، (١٢:٤٨٩ ـ ٤٩٠).

<<  <   >  >>