للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: إن الله لا يُرى، وإن القرآن مخلوق، وإنه ليس فوق العالم، وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة، ولا حياة ولا سمع ولا بصر، ولا كلام، ولا مشيئة، ولا صفة من الصفات».

المثال الأول: في قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١١٥] قال الرماني (ت:٣٨٤): «ويقال: هل الصفة بلن يكفروه مجازٌ؟

الجواب: قال أبو علي (١): نعم؛ إذ الصفة لله جل وعزَّ بأنه شاكر مجازٌ، وحقيقته أنه يثيب على الطاعة ثواب الشاكر على النعمة، فلما استعير للثواب الشكر، استعير لنقيضه من منع الثواب الكفر. وإنما الشكر في الأصل: إظهار النعمة من المنعم عليه بالقيام بحقها، والكفر ستر النعمة من المنعم عليه بتضييع حقها» (٢).

ففسر أبو علي الجبائي (ت:٣٠٣) الصفة بلازم معناها، وجعله هو المعنى المراد، وهذا تفسير للشيء بخلاف ظاهره، بل الصواب أن صفات الله على الحقيقة، ويدخل فيها ما يذكرونه من هذه اللوازم، لكن ليست هي المرادة دون غيرها كما هو الحال في تفسير المعتزلة في هذا الموطن.

الأصل الثاني: العدل:

ذكر شيخ الإسلام بعض ما يندرج تحته من مسائل الاعتقاد، فقال: «وأما


(١) هو الجبائي.
(٢) الجامع لعلم القرآن (مخطوط)، وقد نقل عنه هذا التفسير الطوسي في التبيان (٢:٥٧٦)، قال: «وقوله: {فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} مجاز، كما أن الصفة لله بأنه شاكر مجاز. وحقيقته أنه يثيب على الطاعة ثواب الشاكر على النعمة، فلما استعير للثواب الشكر استعير لنقيضه من منع الثواب الكفر؛ لأن الشكر بالأصل: هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم، والكفر ستر النعمة من المنعَم عليه بتضييع حقِّها، ومعنى الآية: فلن يُمنعوا ثوابه ...».

<<  <   >  >>