للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها، ولا هو قادر عليها كلها؛ بل عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعًا، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته».

مثال:

في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [آل عمران: ١٠٩]، قال الرماني (ت:٣٨٤): «ويقال: لم وجب في الآية الإضافة بمعنى «مالك»، ولم يجب بمعنى «خالق»؟

الجواب: لأنه على طريقة «هذه الأبْنِيةُ لِرَبِّكَ»؛ بمعنى أنه مالك لها. ولا يطلق هذه الصفة بمعنى صانع لها، لأنه لا يدخل فيه معاصي العباد؛ لإيجابها الذمَّ، وإنما الآية مدح وتعظيمٌ لله تعالى» (١).

فانظر كيف أدخل نفي خلق أفعال العباد في هذه الآية، وليس في الآية حجة عليها، ولا هي متعلقة بهذه المسألة من قريب ولا من بعيد، بل افترض الإشكال وأجاب عنه بكلام غير صحيح (٢).

الأصل الثالث: المنْزلة بين المنْزلتين:

وهذا الأصل يدخلون فيه العاصي في أصحاب الخلود في النار،


(١) الجامع لعلم القرآن (مخطوط)، وقد نقل عنه الطوسي الرافضي في تفسيره التبيان في تفسير القرآن (٢:٥٥٥) هذا الموضع فقال: «وقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} معناه: ولله ملك ما في السموات.
والملك: هو ما له أن يتصرف فيه، ولا يجوز أن يقول مكان ذلك: ولله خلق ما في السموات؛ لأنَّ ذلك يدخل فيه معاصي العباد، والله منزه عنها، والآية خرجت مخرج التعظيم لله تعالى، وذكر عظيم المدح».
(٢) ينظر: تفسير الرازي لهذه الآية، فقد ناقش المعتزلة واحتج عليهم، ولا يخفى على القارئ الكريم أن الرازي يردُّ على مذهب الأشاعرة.
ملحوظة: نسب الرازي الكلام السابق بمعناه إلى أبي علي الجبائي (ت:٣٠٣)، وقد يكون الرماني (ت:٣٨٤) استفاده من الجبائي (ت:٣٠٣).

<<  <   >  >>