للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ نبَّه على وقوع ابن عطية (ت:٥٤٢) في خلل من جهة ترك تفسير السلف إلى أقوال بعض أئمة الأشاعرة كابن فورك (ت:٤٠٦) (١) والجويني (٢) وغيرهم ممن ينعتهم بالمحققين.

وترك كلام السلف إلى أمثال هؤلاء منقصة في التأليف، كما عدَّه شيخ الإسلام (ت:٧٢٨)، لذا أعقب ذلك ببيان قاعدة عامة في الخلل الذي يقع في التعامل مع أقوال السلف = بقوله: «فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول، وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا».


= فأجاب بقوله: «نعم، فيه شيء كثيرٌ، حتى قال الإمام المحقق ابن عرفة المالكي: يُخشى على المبتدئ منه أكثر ما يُخاف عليه من كشاف الزمخشري؛ لأن الزمخشري لما علِمت الناس منه أنه مبتدع تخوفوا منه، واشتهر أمره بين الناس مما فيه من الاعتزال ومخالفة الصواب، وأكثروا من تبديعه وتضليله وتقبيحه وتجهيله، وابن عطية سُنِّي، لكن لا يزال يُدخل من كلام بعض المعتزلة ما هو من اعتزاله في التفسير، ثمَّ يُقِرُّه ولا يُنبِّه عليه، ويعتقد أنه من أهل السنة، وأن ما ذكره من مذهبهم الجاري على أصولهم، وليس الأمر كذلك، فكان ضرر تفسير ابن عطية أشد وأعظم على الناس من ضرر الكشاف». الفتاوى الحديثية، لابن حجر الهيتمي (ص:٢٤٢).
فانظر إلى هذه الشدة في نقد ابن عطية، وكيف جعله ابن عرفة أضر من الزمخشري، فلم لم يُناقشوا قوله، ونوقش قول شيخ الإسلام؟!
(١) محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني، أبو بكر، فقيه شافعي، متكلم أصولي، مشارك في التفسير، له فيه كتاب، وله كتاب (حل الآيات المتشابهات)، توفي مسمومًا سنة ٤٠٦. معجم المفسرين (٢:٥١٤).
(٢) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، إمام الحرمين، شافعي، متكلم أشعري، ولد سنة ٤١٩، وتوفي سنة ٤٧٨، ذكر له في كشف الظنون (١:٤٤٣) كتابًا في علم التفسير.

<<  <   >  >>